تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الطلاق

صفحة 206 - الجزء 2

  ثم رجع سبحانه إلى ذكر المطلقات، وما أمر به فيهن من البينات، فقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ٤} يقول: من يتق الله فيما شرط وذكر، وجعل من هذه الآجال وأمره، فيكون له فيها متقيا، ولأمره بالاتقاء والاستيفاء لها مؤتمرا، {يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ٤} يقول: يصنع له ويفعل ويهئ، ويجعل له {مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ٤} يقول: من شأنه كله خيرا وفرجا، وأمرا مستويا حسنا، ويعطيه ثوابا له على إتقانه لربه، تيسيرا من كل أمر عسر، وتوقيفا وتهوينا لما عسر عليه من أمره واشتد عليه من أسبابه.

  {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ} معنى {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ} أي: ذلك حكم الله، {أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ} أي: أنزله عليكم، وأمره الذي جعله فرضا مؤكدا فيكم، من إمساكهن بالمعروف، أو مفارقتهن بالمعروف، وإشهادكم على ذلك، وما جعل من العدة لهن آيسات كبارا كن أوصبايا صغارا، وحوامل لحملهن، وما جعل في ذلك من الشروط عليكم فيهن، فكل ذلك أمر الله الذي أنزله، وحكمه الذي حكم به في ذلك عليكم وفيكم.

  {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ٥} يقول: من يكون لله متقيا خائفا، منتهيا إليه راجعا، {يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ٥} يقول: ثوابا وأجرا.

  ثم رجع فقال سبحانه: فهو يصفح ويغفر ويذهب بالقبول والرحمة منه ما تقدم منه من السيئة والسيئات فهي الذنوب الموبقات، والمعاصي الفاحشات ويعظم له أجرا، يقول ثوابا وأجرا.

  ثم رجع سبحانه: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}، يقول: أسكوهن في وقت اعتدادهن، {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} معنى {مِنْ حَيْثُ} فهو: حيث {سَكَنْتُمْ} يريد: حيث كنتم وحللتم، وأمسيتم وأصبحتم، {مِنْ وُجْدِكُمْ} فهو: من طاقتكم وجدتكم، من المنازل التي تكون كفاتا لكم، فأمرهم سبحانه أن