تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الطلاق

صفحة 207 - الجزء 2

  يسكنوهن من حيث سكنوا من جيد المنازل أو رديئها، وأن لا يعزلوهن عن مواضعهن، وأن يكن في البيوت التي يكونون فيها، ولا تجعلوهن في موضع سواها، ولا تنقلوهن عنها إلى ما هو ضيق منها وأردى، وأقل في السعة وأبلى، ألا تسمع كيف يقول: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} يقول: لا تضاروهن بإخراجهن من منازلهن التي كن فيها، إلى غيرها فتضيقوا بذلك عليهن، متعمدين للتضييق عليهن، مخطئين بذلك في أمرهن.

  ثم ذكر سبحانه ما جعل لأولات الحمل من النفقة فقال سحبانه: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} معنى {وَإِنْ كُنَّ} فهو: إن كن الزوحات المطلقات أولات حمل. ومعنى {أُولَاتِ حَمْلٍ} فهن: صواحب حمل، أي: في بطونهن حمل، والحمل: فهو الأولاد، {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} يقول: مونوهن بالنفقة والكسوة والخدمة، والقيام عليهن بجميع مصالحهن، {حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} يريد: يلدن ويضعن ما في بطونهن، فإذا وضعن ما بطونهن، وخرجن من عدتهن، فقد انقطعت النفقة عنكم لهن.

  ثم ذكر سبحانه ما يكون من أمر رضاع الأولاد بعد مفارقتهم، فقال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} يقول: إن أرضعن الزوجات المفارقات لكم أولادكم، الذي من ولدنهم بعد مفارقتكم لهن، {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، ومعنى {فَآتُوهُنَّ} فهو: أعطوهن وأوفوهن، وأدوا ليهن، {أُجُورَهُنَّ} فمعنى {أُجُورَهُنَّ} فهو: الاجارات، والاجارات فهي: الآجرة والكراء التي يستأجر بها، ويكترى المرضع لصبيه أبو