ومن سورة التحريم
  الأشياء، حتى عرفن ما يصلح للأزواج من الخدمة والقيام، والمعاشرة والإكرام، فذكر الله سبحانه تبديل نبيه # من الأزواج الثيبات، لما ذكرنا من فضلهن على الأبكار من الخدمة للأزواج، والاصطبار والمعرفة بحسن العشرة، فأراد بذكرهن في هذه الحالة ما ذكرنا من منافعن، وإجلالهن لأزواجهن، لما هن عليه من التجربة والمعرفة بمما لا تعرفة البكر، بحسن القيام للبعل في كل أمر.
  وأراد بذكر الأبكار فقال: {وَأَبْكَارًا ٥}: ما الأبكار عليه وتشتمله من لذاذاة القرب، والحلاوة على القلب، لما هي عليه من الغرة والصبا، والاستطراف من الزوج لها في كل معنى.
  ثم قال سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}، معنى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو: مناداة من الله ø للمؤمنين، وأمر منه لعباده الصالحين، {قُوا أَنْفُسَكُمْ} فمعنى {قُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: كفوا عن أنفسكم، وادفعوا عنها وعن أهليكم، {نَارًا} ومعنى دفعهم للنار عن أنفسهم، وعن أهليهم، فهو: تعليمهم لأهليهم ما فيه نججاتهم، وتوفيقهم على ما أمرهم به ربهم، وتحذيرهم عما نهاهم عنه سيدهم، فإذا فعلوا ذلك بأنفسهم وبأهليهم، كانوا بما أخرجوا به أنفسهم وأهليهم من الضلالة إلى الهدى، ومن الباطل إلى التقوى، واقين للكل من النار والعذاب، مستوجبين بذلك لما وُعد المؤمنون من الثواب. {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦} فمعنى {وَقُودُهَا} فهو: حطبها، وما به تأجج في استيقادتها، {النَّاسُ} فهم: الإنس {وَالْحِجَارَةُ}