تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة التحريم

صفحة 224 - الجزء 2

  فهي: الحجارة المعروفة من الصخور والجبال، وقد قيل: حجارة الكبريت، وأي ذلك كان فهى حجارة كما ذكر الرحمن، وقودا لما جعل الله من النيران، {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ} فمعى {عَلَيْهَا} أي: خزنة جعلت عليها، وَقَوَمَهٌ فيها، تصب الحميم على رؤوس أهلها، وتعذب من صار فيها كما قال سحبانه: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ٤٨}⁣[الدخان: ٤٨]، فهم عليها موكلون، وبتعذيب من فيها من الثقلين مأمورون، وهم À بها قائمون، ومن ألمها وحرها وعذابها سالمون، لا ينالهم فيها حر ولا تعب، ولا يصيبهم فيها غم ولا نصب.

  {غِلَاظٌ شِدَادٌ} ومعنى {غِلَاظٌ} فهم: فظاظ، والفظاظ فهم: الذين لا رحمة في قلوبهم لمن يعذبونه، ولا رأفة عندهم على من يصلونه، {شِدَادٌ} فهم: الأقوياء في أبدانهم، الأشداء في استطاعتهم، المقتدرون على كل أمرهم، {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} معناها: لا يخافون الله {مَا أَمَرَهُمْ} معناها: فيما أمرهم، ومعنى أمرهم فهو: ما يأمرهم به من تعذيب المعذبين، وإيصال الوعيد إلى الفاسقين، {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦} معناها: يصيرون إلى ما جعلوا له، ويمضون ما أقيموا فيه، ولا يعصون أمرهم، ولا يخالفون جاعلهم، ولا يتكلفون أمرا يأتون به من أنفسهم، فهم لأمر الله مسلمون، وبه في كل الأسباب مؤتمرون.

  ثم ذكر سبحانه اعتذار الكافرين في يوم الدين، وعند وقوع الحسرة والندامة بالفاسقين، فقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} معى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا} فهو: ندا من الله وتوقيف، لأهل الكفر من الناس