تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة التحريم

صفحة 226 - الجزء 2

  أدخلكم جنات، والجنات فهي: دار النعيم والكرامات، والحالات القيمات، ذوات الثمار والأنهار، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} يقول: تجري من تحت الأشجار - أشجارها وثمارها، ودورها قصورها - الأنهار، فهي فوق الأرص سائلة، ومن تحت ما ذكرنا جارية والأنهار فهي: الغُدُر والمياه المتفجرة، بعضها من بعض.

  {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ}، واليوم الذي لا يخزي الله فيه النبي فهو: يوم القيامة، ويوم الحشر للمؤمنين والسلامة، والشقاء للكافرين والندامة، {لَا يُخْزِي} فهو: لا يفضح ولا يسوء، بل تفلح حجته، ويظهر فيه كرامته. {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} يقول: والذين آمنوا أيضا مع رسولهم، لا يخزون ولا يرون ما يسوؤهم ولا يردون، بل يرون السرور في ذلك اليوم من ربهم، وينتجزون مواعيدهم من خالقهم، {مَعَهُ} فهو: مع الرسول صلى الله عليه وعلى آله.

  {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} معنى {نُورُهُمْ} فهو: برهانهم، وما جعله الله سبحانه من حجة الإيمان لهم ومعهم، ومعنى {يَسْعَى} فهو: تظهر بين أيديهم، {وَبِأَيْمَانِهِمْ} فهو: يبين براهين الدلالات، وكرامات البشارات، فهو: ظاهر لا يخفى على الناظرين، ولا يتغيب عن المبصرين. {يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٨}، معنى {يَقُولُونَ} فهو: يسألون ويطلبون، {رَبَّنَا} يعني يقولون: يا إلهنا، وخالقنا ومالكنا، {أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} يريدون بذلك: أتمم لنا ما قد أعطيتنا من هذا النور، وظهور الحجة، وكرامات البشارة، بإيصالنا إلى ما وعدتنا من دار كرامتك، والخلاصَ من موقف حسابك، {وَاغْفِرْ لَنَا} هو: ارحمنا، وتجاوز عما كان منا،