ومن سورة التحريم
  {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٨}، معناها: إنك على كل ما تريد مقتدر، ومعنى مقتدر فهو: قادر فاعل، فكان ذلك من قولهم إقرارا لربهم بالقدرة وتقديسا منهم وإجلالا، وتبجيلا وتعظيما، وهيبة في كل حال.
  ثم أمر نبيه صلى الله عليه وعلى آله بجهاد من عَنَدَ عن الله من الكفار والمنافقين، وبأن يبتدئ الغلظة على جميع الفاسقين، فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٩}، معنى {يَا أَيُّهَا} فهو: أمر من الله لنبيئه صلى الله عليه آله بما أمره به من جهاد عدوه، معنى {النَّبِيُّ} فهو: المنبي عن الله سبحانه بوحيه الرضي، {جَاهِدِ الْكُفَّارَ} فهو: نابذ الكفار وقاتلهم، وابسط يدك بالسيف عليهم، والكفار فهم: الذين كفروا بالله وأشركوا، وكذبوا بآياته وأنكروا، والمنافقون فهم: المدغلون في الدين، الذين يفسدون عليه ÷، ويعطونه من ألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويبدون له الإسلام، ويفسدون عليه ضعفه الأنام، فأمره سبحانه بالجهاد لمن نابذه من أولئك، وأظهر له ما يخفيه من المعصية والعداوة في ضميره، {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} يقول: اشتد عليهم، وكن بهم فظا غير رحيم، {وَمَأْوَاهُمْ} يريد: مصيرهم ومعادهم، {جَهَنَّمُ} وجهنم فهي: النار، {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٩} يقول: بئس المرجع والقرار، والمصير والدار، ومعنى {بِئْسَ} فهو: شر مصير، ومصير فمعناها: الموضع والمنزل والمرجع الذي يرجع إليه، ويصار فيه.
  ثم رجع سبحانه إلى ذكر الكافرين، فأخبر بأمرهم وحالهم، وأنه لا يغني عنهم الأولياء الصالحون، من الأزواج والأولاد، والآباء والأبناء، في عصر رسول الله