تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة التحريم

صفحة 228 - الجزء 2

  صلى الله عليه آله، كما لم يغن ذلك عمن كان كذلك في عصر نوح ولوط صلى الله عليهما، فضرب في ذلك مثلا لأزواج الرسول صلى الله عليه، الذين ذكر عنهم في أول السورة ما ذكر، يخبرهن أن نكاح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله لهن لا يغني عنهن من الله شيئا، إن عدلوا عن الحق، ولم يتبين عما كان من تظاهرهما على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، وأنه لا منجاة من ذلك، إلا بالتوبة عن تلك المهالك، وأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله لا يغني بنكاحه لهن، ولا مقاربته إياهن، وأنه لا نجاة لهما مما فعلتا إلا بالتوبة عما كانتا صنتعا، وإلا كانت حالهما كحال غيرهما من امرأة نوح وامرأة لوط صلى الله عليهما، فقال سبحانه في ذلك: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ١٠}، فضرب الله هذا المثل لجميع الكافرين، الذين لهم أولياء صالحون، من قريش وغيرهم من الناس أجمعين، فأخبر بما ضرب من ذلك أن الولي الصالح، لا ينفع عند الله غدا وليه الطالح، وأن ليس من الله نجاة إلا بالعمل الصالح، وبالتوبة النصوح، وبالرجوع إلى الله في كل فعل أو قول، سرا أو علانية، وأن حال من كان كذلك كحال مرتي نوح ولوط صلى الله عليهما، لما خانتا نوحا ولوطا صلى الله عليهما، فصارتا بخيانتهما إلى النار، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، معنى {تَحْتَ عَبْدَيْنِ} فهو: عند عبدين، {مِنْ عِبَادِنَا} يقول: من عبيدنا، {صَالِحَيْنِ} فهما: مؤمنين تقيين، {فَخَانَتَاهُمَا} فهو: عصتاهما، وصارتا إلى مضادتهما، ومعاندتهما