تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 235 - الجزء 2

ومن سورة الملك

  

  قول الله تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١}، معنى تبارك هو تعالى وتقدس، وجل وعظم، من كل ما يقول فيه المشركون، وينسب إليه الملحدون، {الَّذِي بِيَدِهِ} معنى {الَّذِي} فهو: من بيده، معنى {الْمُلْكُ} والملك فهو: الخلق كله، ما خلق الله وذرأ وبرأ، من جميع الأشياء، من السماوات كلهن، والأرضين بأسرهن، وما فوقهن وما تحتهن، وما خلق فيهن وبينهن، فكل ذلك فهو: الملك، والملك فهو: عرشه، وعرشه سبحانه: فملكه، وملكه فهو: ما جعل وفطر، وما خلق سبحانه من الأشياء فصَوَّر، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١} يقول سبحانه هو: على ما يشاء فعله، فهو قادر أن يفعله، لا يمتنع شيء فيفوته، كل شيء في قبضته، وكل شيء فهو: لاحقه، ما شاء أن يفعل فعل، وما أراد أن يجعل جعل، فهو قدير على ذلك مقتدر، قوي على ما شاء أن يدبر.

  {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ}، معنى {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ} يقول فهو: الذي جعل الموت وقدره، والموت فهو: الفناء والذهاب من الإنسان، وخروج النفس كلها من الأبدان، {وَالْحَيَاةَ} فهي: حياة البشر، وحياة البشر فهي: جعل الأرواح في أبدانهم، وتقريرها في جميع أعضائهم، {لِيَبْلُوَكُمْ}