تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 243 - الجزء 2

  ابساطها ووطائها، واستوائها بأهلها، بالذلول من الإبل التي لا تمانع ربها، ولا تخالف في شيء مما يراد بها، {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} يقول: سيروا في جوانبها؛ لأن المناكب هي الجوانب والأطراف، {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} ومعنى {وَكُلُوا} أي: أطعموا وتنعموا من رزقه، أي: فهو من فضله وعطائه، وما أخرج من ثمرات أرضه، {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ١٥} يقول: إليه نشوركم، فأذاأراد سبحانه أن ينشركم نشركم، ومعنى النشر، فهو: البعث والحشر.

  {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}، معنى {أَأَمِنْتُمْ} هو: إخبار من الله ø عن قدرته، وإخبار منه أنه لا يأمن أعداؤه أَخْذَ نقمته، ومعنى {أَأَمِنْتُمْ} فهو: أيستم أن يخسف بكم الأرض؟! {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ} يقول: أأمنتم فهو إلهكم أن يخسف بكم لأرض؟! وأيستم من أخذه لكم؟! ومعنى {مَنْ فِي السَّمَاءِ} فهو: الله الواحد الذي هو في الأرض كما هو في السماء، لا يخلوا منه مكان، وهو الله الواحد ذو العزة والسلطان، وقوله: {يَخْسِفَ بِكُمُ} أي: فهو يذهب وتميديكم الأرض حتى تذهب بكم في بطنها، وتُصَيرَّكم في قعرها.

  {فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦} يقول: إذا هي تذهب بكم ذهابا، وتهبط بكم في بطنها هبوطا، ومعنى {تَمُورُ ١٦} فهي: تخسف وتغور.

  {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، يقول: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} من هو في كل مكان من السماء وغيرها، وهو الله الخالق لها ولغيرها.

  {أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا}، فمعنى {يُرْسِلَ} أي: فهو يصيبكم، ويرمي بالحاصب عليكم، والحاصب فهي: الحجارة التي تحصبهم كما حصب قوم لوط فرماهم بالحجارة، فيقول سبحانه: أمتنم أن يرميكم بها؟! كما رمى من كان قبلكم بمثلها.