ومن سورة الملك
  وفي الهواء واقفات صآفات، ودبر فيه وبه طيرانهن، وجعله حاملا لأبدانهن، وموقفا في الهواء لأعضائهن، فلما كان ذلك منه وبه فيهن، ذكر أنه سبحانه هو الممسك لهن، {الرَّحْمَنُ}، فهو: الرؤف المتفضل ذو الإحسان.
  {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ١٩}، معنى {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ} معناها: بجميع الأشياء من فعل أو جسم، {بَصِيرٌ ١٩} فهو: عليم.
  {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ}، معنى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ} فهذا تقريع من الله لهم وتوبيخ وإعلام أنه لا جند من دونه لهم ينصرونهم منه، والجند فهم: الأعوان، من الأنصار والأخوان، {يَنْصُرُكُمْ}: يمنعكم، ويقوم دونكم. {مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ}، معني: دون أمر الرحمن يريد: من هذا الذي ينصركم، من دون أمر الرحمن إن نزل بكم؟!
  ، {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ٢٠} يقول: ما الكافرون إلا في اعترار وباطل، وخديعة من الشيطان لهم وتمادي في باطلهم.
  ثم قال سبحانه: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}، يريد: أمن هذا الذي يرزقكم؟! ومعنى {يَرْزُقُكُمْ} فهو: يسبب لكم رزقكم، ويخرج لكم من الأرض معائشكم، {إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} يقول: إن منعكم الله رزقه وأمسكه عنكم، فلم تخرج الأرض نباتها، ولم تسكب السماء فيها مآءها، حتى تموتوا جوعا، فمن يأتيكم بالرزق إن أمسكه؟! فلن يأتي به أحد بعده.
  ثم قال سبحانه: {بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ٢١}، معنى {بَلْ} فهو: قد، العتوا فهو: العنود والتكبر، والإعراض عن الله والتجبر، والنفور فهو: الإعراض والصدد، وقلة الإقبال على الحق، والتمادي في الفسق.