ومن سورة الملك
  هو فعلٌ فيهم من ربهم، ومعنى {ذَرَأَكُمْ} فهو: أنبتكم وأخرجكم وأوجدكم، وخلقكم وثبتكم في الأرض {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٢٤} يقول: إليه ترجعون بعد موتكم، في يوم حشركم، وحين وقت بعثكم.
  ثم أخبر سبحانه بما يقول الكافرون، ويتداعا به المكذبون، فقال سبحانه: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٢٥}، معنى {يَقُولُونَ} هو: يلفظون ويتكلمون، ويمترون ويسألون، {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} أي: متى هذا الوعد الذي به توعدوننا؟! وبأسبابه تخوفوننا؟! انكارا منهم لوعد الله ووعيده! وقلة إيمان بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٢٥} أي: يقولون إئتوا به إن كنتم من الصادقين، معنى إن كنتم من الصادقين أي: كنتم من الوافين بوعدكم، المحقين في قولكم.
  ثم أمر نبيئه صلى الله عليه وعلى آله أن يرد العلم في ذلك إليه، فقال: {قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٢٦}، فمعنى {إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} أي: علم غيب ما تستعجلون به، وتكذبوننا في ذكره، عند الله إذا شاء أنزله، وإذا شاء أمسكه، {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٢٦} فمعنى {نَذِيرٌ} أي: محذر معذر، {مُبِينٌ} معناها: بَيِّن القول، ظاهر الأعذار، مبين للحق من الله، مبلغ لرسالات الله، لا أتيكم بعذاب، ولا أصرف عنكم عقابا، ولا عن نفسي، أصرف ما أرادني به ربي، وإنما أنا رسول من رسله أبلغ ما أمرني به.
  {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً}، معنى {فَلَمَّا} أي فهو: حين، {رَأَوْهُ}، فهو: أبصره وعاينوه، {زُلْفَةً} فهو: معاينة مقاربة، ومداناه ومواجهة، {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} معنى {سِيئَتْ} أي: سودت، ومعنى اسودت فهو: نزل بها السوء، وحل بها، وعاينت وواجهت ما كانت به مكذبة، ومعنى {وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}