تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 248 - الجزء 2

  هم: الكافرون في أنفسهم، لا أن السوء نزل بالوجوه دون الأبدان، بل الوجوه والأبدان، وسائر أعضاء الإنسان. في ذلك ما تقول العرب في أشعارها:

  إني بوجه الله من شر البشر ... أعوذ من لم يعذ الله دمر

  فقال: بوجه الله وإنما أراد: بالله، كذلك قوله سبحانه: {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: سيء الذين كفروا، أي: نزل بهم السوء والبلاء، عند معاينتهم للعذاب والشقاء، ومن ذلك ما يقول الله تبارك وتعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ٢٧}⁣[الرحمن: ٢٧]، أراد بقوله سبحانه: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} أي: يبقى ربك، فأخبر ø أن كل شيئ هالك إلا ربه تبارك وتعالى، فأراد بقوله: {إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]: إلا هو، و {الَّذِينَ كَفَرُوا} فهم: الذين كذبوا وأساؤا وظلموا وعتوا، وأعتدوا وعندوا. {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ٢٧}، فهذا قول من ملائكة الله لهم، وتوقيف منهم À، للمكذبين على ما كانوا به يكذبون من وقوع الوعد والوعيد، وما كان في ذلك من أخبار الواحد الحميد، فقالت لهم الملائكة الله المكرمون: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ١٠٣}⁣[الأنبياء: ١٠٣]، ومعنى {تَدَّعُونَ} فهو: تخبرون وتعلمون، وتخوفون به وترهبون.

  ثم امره الله سبحانه ان يقول لهم ما يقول، ويحتج عليهم بما يثبت في القول، فقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٨}، يريد بقوله: {أَرَأَيْتُمْ} هو أي: أخبروني وأفهموني، كيف