تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 249 - الجزء 2

  القول عندكم أن أهلكني الله ومن معي أورحمنا، فله القدرةا علينا، فهاذا عليكم في ذلك أو لكم؟! وما يضركم أو ينفعكم؟! بل هذا ما لا يضركم ولا ينفعكم، أي: ذلك كان من عند ربنا فينا، وأن يكون منه إلينا، غير الرحمة والرأفة، والفضل والإحسان والمنة والعاطفة، ولكن أخبروني ونبؤني من يجيركم أيها الكافرون من عذاب أليم إذا واقعتموه؟! في يوم حشركم وعاينتموه؟! فلن تجدوا لأنفسكم مجيرا من الله، ولا ناصرا من دون الله، فهذا معنى قوله سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٨}، ومعنى {يُجِيرُ الْكَافِرِينَ} فهو: يمنع الكافرين، ويدفع عنهم العذاب في يوم الدين.

  ثم أمره ÷ أن يقول لهم ما أمره به من التسليم والإقرار به، والتوكل عليه والاخلاص له، فقال سبحانه: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٩}، معنى {قُلْ} هو: كلمهم وانطق لهم واحتج عليهم وبَيِّن لهم، أن الذي لا يجير ولا يجار عليه هو الرحمن، ذو المن والإحسان، وأنا به آمنا، فقال سبحانه: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ} يريد: آمنا بأمانه أنفسنا من عقابه، باتباع طاعته، والاعراض عن معصيته، {وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} يقول: وعليه أتكلنا، ومعنى أتكلنا فهو: عليه اعتمدنا، وبه اكتفينا، لا نريد غيره، ولا نتوكل على سواه، {فَسَتَعْلَمُونَ} أي: ستعرفون وتفهمون، وترون وتوقنون، {مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٩}، يقول: من هو في باطل من أمره، وحسرة من صنعه، وفساد من دينه، أنحن أم أنتم؟! والمبين فهو: الظاهر المستبين، الواضح للمتوسمين.

  ثم أمره صلى الله عليه وعلى آله بتوقيفهم على ما هو له عليهم حجة، مما يبين له فيه القدرة، فقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ٣٠}، معنى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} هو: قل ماتفعلون إن أصبح ماؤكم غورا؟! يعني: