ومن سورة الملك
  إن غار ماؤكم في الصباح، والصباح فهو: أول النهار عند إدبار الليل وخروجه، فيقول: لمن غار ماؤكم في وقت الصبح فأصبحتم لا ماء لكم، ومعنى {غَوْرًا} أي: غائر ذاهبا مغيبا في الأرض سائحا، {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ} يقول: فمن يجلب لكم ماء، ويأتيكم به، ويرده في بياركم وأنهاركم، {مَعِينٍ ٣٠} فالمعين فهو: الظاهر، فيقول سبحانه، إن غار ماؤكم وذهب من يأتيكم بمآء غيره، هل تعلمون أحدا يأتيكم به غير الله؟! وساقيا يسقيكم المآء غيره سبحانه؟! الذي ينزله من السماء إلى الأرض، فيسكنه فيها رزقا لكم، وحياة لكم، ولأنعامكم، أفلا تعقلون وتفهمون؟! ما به يحتج الله عليكم وتسمعون؟! مما ترونه بأعينكم، وتوقنون به بقلوبكم، وتفهمونه بعقولكم، من الدلائل في كل ما ذكر ودل عليه تبارك وتعالى رب العالمين، وتقدس أحكم الحاكمين.
  ٣٥٠ - وسألت عن قول الكافرين في يوم الدين: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ١٠}[الملك: ١٠]؟
  فمعنى ذلك من قولهم، فهو: لو كنا سمعنا لله ولرسوله وأطعنا، أو كنا عقلنا عن الله مابه أمرنا، ما كنا من المعذبين، ولا كنا من أصحاب السعير، بل كنا عند الله لو فعلنا ذلك من المثابين، وبنعمته وكرامته من الفائزين.