تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسيرسورة القلم

صفحة 253 - الجزء 2

تفسيرسورة القلم

  قول الله تبارك تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ١ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ٢}، هذا قسم من الله سبحانه بالنون والقلم وما يسطرون، على أن رسول الله غير مجنون، كما يقول الفاسقون، ونست إليه المكذبون، فأقسم الله بالنون، والنون فهو: الحوت، وما أحسب - والله أعلم - أن الله أقسم في هذا الموضع بنون غير نون يونس النبي صلى الله عليه الذي لتقمه، ولبث في بطنه حتى أراد الله تخليصه فخلصه، فأقسم الله به سبحانه تنبيها على عجيب ما جعل فيه وركبه، وقدر له وسبب من التقامه ليونس رسول الله صلى الله عليه، ومكثه في بطنه حيا سويا، طول ما مكث في جوفه مستجنبا، فنبه سبحانه على عجيب ما كان من قذفه له، عند إرادة الله لقذفه، فلما أن كان تدبير الله ø لذلك كله في يونس صلى الله عليه، وأمره بالحوت وسببه، أقسم الله سبحانه في هذا الموضع به تنبيها على عجآئب ما كان فيه من قدرته.

  وكذلك أقسم بالقلم، تنبيها منه لجميع الأمم، على ما فعل فيه وَرَكَّب، وهدى الخلق إليه وسَّببَ، من قطع القلم وبَرْيه، وشقه وقطعه، ومحكم ما هداهم إليه من تدبيره، وفَطَّنَهم سبحانه من تقديره، حتى قدروه بقدرة الله تقديرا، ودبروا أحكامه بهدايه الله لهم تدبيرا، حتى صلح بعد التقدير، والتأم بعد الإحكام والتدبير، فصار