تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسيرسورة القلم

صفحة 258 - الجزء 2

  لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ٩}، معنى {تُطِعْ} ها هنا في هذا المكان، بأوضح الحق والبيان، فهو: لا تخف وعيدهم إياك، فتترك شيئا مما أمرناك به من الجهر بدعوتك، والاظهار لشرائع دينك، والاعلان بعبادة ربك متاقاة لهم، ومخافة من شرهم.

  والمكذبون الذين نهى الله عن خوفهم، فهم أهل التكذيب لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله الذي جآء به عن الله خاصة.

  {لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ٩} يقول سبحانه: ودوا لو تدهن لهم، في الاتقاء لمخافتهم، أما برهبة، وأما بمصانعة، فتترك شيئا مما أُمرت بإظهاره فتخفيه، مخافة لهم ومحاذرة أن يبديه، فيذهنوا هم أكثر من ذلك وأوفر، يقول: ودوا لو تصانعهم في شيء فيصانعوك في أكثر منه، وتداريهم في يسير فيداروك بأعظم من مداراتك لهم، ليوقفوك بذلك عن مباينهم، ويحجروك بالمدارة والمداهنة على مكاشفتهم، فأخبر الله سبحانه أنهم يودون بأجمعهم لو تركت شيئا من مباينتهم.

  ثم أمره {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠}، والطاعة ها هنا التي نهى الله عنها لكل حلاف مهين، فهو: أيضا ما ذكرنا من المخافة للحلاف المهين، في شيء من وعيده، وإبراقه وإرعاده عليه، وحلفه وأيمانه فيه، فنهاه صلى الله عليه آله من مخافته، أو ترك شيء من إظهار أمر الله لمراقبته، وسمى تركه لشيء من ذلك لخوف شيء من وعيده طاعة منه له، والحلاف فهو: الكثير الأيمان بالله، الذي لا يفي شيء منها ولا يقوم بحد من حدودها، والمهين فهو: الدليل الحقير.

  {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١}، فالهماز هو: الذي يهمز الإنسان من خلفه، ومعنى