تفسيرسورة القلم
  يهمزه أي: يؤذيه بلسانه ويتناوله، ويقع فيه من ورآئه ويتنقصه، {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١} معنى {مَشَّاءٍ} أي: مشآء بين الناس، {بِنَمِيمٍ ١١} بالنمائم، والمشي بها فهو: المجئ إلى ذا بالخبر عن ذا، والمجيء من ذا إلى ذا بالخبر، ليوقع بينهم الوحشة والبلاء، والعداوة والإذاى، ومعنى {بِنَمِيمٍ ١١} فهو: ببلاغة وخبره، والنميمة فلا تكون خاصة إلا في كل خبر قبيح، يوحش بعص الناس من بعض، ويفسد المودة بينهم، ويوقع الوحشة في قلوبهم، فما كان من الأخبار المنقولة بفعل هذا فهو: نميمة، وناقلها يدعا: نماما، ومالم يكن من الأخبار يوقع الوحشة، ويوجب الفرقة، ويحدث الهجرة والبغضة، فلا ينتضمه اسم النميمة، ولا يدعا حامله وناقله: نماما.
  {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ}، يقول فهو: الممتنع من كل خير، الداخل في كل خير {مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ١٢} المعتدي هو: الظالم الغوي، {أَثِيمٍ ١٢} فهو: الآثم الردي.
  {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣}، العتل فهو: الفدم من الرجال، في الخلق والفعال، الذي لا فهم له بما يقول أو يفعل، ولا معرفة له بما يأتي وما يعمل، الذي لا يميز بين الأمور في معانيها، ولا يعرف حسانها من مساويها، ولا يفعل شيئا بتمييز اصلا، ولا يأتي من الخير إلا ما عتل عليه عتلا، لفدامة خلقه، وقلة تمييزه لنفسه. {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣} يقول: بعد هذه الخصال التي فيه كلها هو زنيم أيضا، والزنيم فهو: الذي له في حلقه زنمتان يبين بهما من غيره للمبصرين، يكونان في حلقه متدليتين، يعرف بهما، ويستدل على معرفته بذكرهما، كزنمتي الشاة التي تكونان في حلقها، تذكر وتوصف بهما.
  {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ١٤}، معنى {أَنْ كَانَ} فهو: إذ كان، {ذَا مَالٍ