تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسيرسورة القلم

صفحة 260 - الجزء 2

  وَبَنِينَ ١٤} فمعنى {ذَا} فهو: صاحب مال، {وَبَنِينَ ١٤} والبنون فهم: الذكران من والأولاد.

  {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا}، يقول: إذا قرئت عليه آياتنا وذكرت عنده، {قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ١٥} وأساطير الأولين فهي: أحاديث الأولين، وأحاديث الأولين فهي: أقاويل المكذبين، وإسمار المتحدثين، فنسب هذا الزنيم آيات الرحمن الرحيم، ووحي العلي الحكيم، وما جاء من النور، على لسان نبيه البشير النذير، إلى الأسمار والباطل، والقول القديم الحايل، فأخبر الله تبارك وتعالى أن من كان ذا مال وبنين، كان الواجب عليه الحمد والشكر الله رب العالمين، دون ما يأتي به الوليد بن المغيرة اللعين، من الكفر بآيات الرحمن، والجحدان لمفصل الفراق، فجعل الشكر على ما أولى، والمجازاة على ما أعطى، تكذيبا وكفرا. وعنودا عن الله وشرا.

  {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ١٦}، فوسم الله له على خرطومه هو: ما وسمه الله به من ذكره في القرآن وذمه، بما تسمع في هذه الآيات من ذكره، فجعل الله سبحانه ما شرح من أخباره في هذه الآيات، وفسره من صفته وحاله في هذه المحكمات، وسما ودلالات يعرف بها الذكر والوصف في كل الأسباب، كما يعرف بالوسم كل موسوم من الدواب، وإنما ذكر الله الخرطوم دون غيره؛ لأنه شيء لا يستتر بثوب ولا يستتر عن المتوسمين؛ لأن الوجه بارز أبدا للناظرين، والخرطوم فهو: الأنف وما والاه، وما كان منه وداناه.

  ثم ذكر سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، ذكر من سار إلى بدر من قريش لقتال النبي صلى الله عليه آله، وما طمعوا به من الأمر العظيم فيه، فصرف الله عنه