تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسيرسورة القلم

صفحة 261 - الجزء 2

  كيدهم، وأمكنه منهم وأذلهم، ثم ذكر ما فتنهم به وبلاهم، من ستر أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله عنهم، وما كان من إيجابه من النصر له عليهم، فلم يعلموا بشيء من أمره، ولم يحسبوا ما نزل بهم من ربه، فكانوا مقتدرين في أنفسهم على أخذه، وأخذ من كان معه لما رأوا قلتهم، فدخل في قلوبهم الطمع فيه وفي أصحابه، اقتدارا وكفرا وطمعا فيما لن ينالوه، ولن يطيقوه ولن يبلغوه، فقال أبو جهل بن هشام اللعين لمن معه من أوباش الكفرة الملاعين: لا تقتلوهم وخذوهم فأوثقوهم وأربطوهم، فتكون تلك فضيحة على محمد صلى الله عليه وعلى آله وعليهم، فيدخلون به مكة أسيرا فذلك أفضح لهم وابلى.

  فلم ينالوا ما أرادوا، ولم يبلغوا ما أملوا، وقضى الله أمرا كان مفعولا، فأنفذ وعده لنبيه صلى الله عليه وعلى آله إنفاذا، وحباه ونصره عليهم فقتل من خيارهم سبعين، وأسر من أعداء الله سبعين، وغَنَّمَهُ الله غنائمهم، وَفَلَّ حدهم، فولت فضلتهم خائبة حاسرة، منهزمة هاربة طائرة.

  فَمَثَّل الله سبحانه ما كان من اقتدارهم وبغيهم على نبيئه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، باقتدار أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصر منها مصبحين، وهذه الجنة فجنة من جنان الدنيا، كانت باليمن على اثني عشر ميلا من صنعاء، صارت بواد يقال له: احربي، فلما دنا حصادها، وأينعت ثمارها، وحسنت حالها، أقسم أهلها