تفسيرسورة القلم
  {يَتَلَاوَمُونَ ٣٠} فهم: يعاذلون، ويقبحون أفعالهم، ويعجزون آراءهم. {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ٣١}، معنى {قَالُوا} أي: هم تكلموا به واظهروا، معنى {يَا وَيْلَنَا} فهو: يا ويحنا من هذا الأمر، الذي أدخل الويل علينا، الويل فهو: الغم، والطويل من الهم، {إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ٣١} يقولون: المعنى الذي أدخل الويل علينا، هو ما كان من طغياننا، والطاغون، فهم: العتاة الباغون، الذين لم يستسلموا في يد الله، ولم يلقوا بأمرهم كلهم إلى الله فاقروا بطغيانهم، وعلموا أنه كان سبب هلاكهم.
  ثم رجعوا إلى الواجب، والحق المصيب الراتب، فقالوا: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ٣٢}، معنى {عَسَى} أي: لعل، {أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا} معناها: أن يخلف علينا ويبدلنا، بدلا من الذي ذهب منا من جنتنا، {خَيْرًا مِنْهَا} معنى {خَيْرًا مِنْهَا} فهو: أفضل منها، {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ٣٢} معناها: راجعون طالبون، قاصدون سائلون، ومعنى {إِنَّا إِلَى} فهو: من ربنا، أي إنا من ربنا للبدل والعوض سائلون.
  ثم أخبر سبحانه إن ذلك منه عذاب لهم، ونقمة أنزلها بهم على ما كان من عتوهم، فقال: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ٣٣} معنى يقول: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ} يقول: كذلك نعذب بالانتقام، من أردنا عذابه من الأنام، في الدنيا بذهاب ما تذهبه من أموالهم، وانتقاص ما ينقصه من أنفسهم وثمارهم، فجعل ما ينزل بهم من ذلك في الدنيا الفانية، عذابا أدنى دون عذاب الآخرة الباقية، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢١}