تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الحاقة

صفحة 284 - الجزء 2

  والعقاب. ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ١٥}، ومعنى {يَوْمَئِذٍ} فهو: يوم يكون ما ذكرنا من النفخ في الصور، ودك الأرض والجبال، ومعنى {وَقَعَتِ} فهو: نزلت وحلت، وكانت وأتت، فالواقعة فهي: الساعة الواقعة بالناس، والساعة فهي: القيامة التي يواقع الخلق أمرها، ويلقى كلهم فيها عمله، ويقع به جزآء فعله، وبوقوع الجزآء فيها، وقع اسم الواقعة عليها.

  {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ}، فمعنى انشقاقها فهو: انفطارها، فهو: تقطعها لما يريد الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم من فواتها وتبديلها.

  {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ١٦}، والواهية فهي: الممتزقة المتقطعة، التي قد صارت أبوابها فُرُجا، كما قال الله سبحانه: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ١٩}⁣[النبأ: ١٩].

  {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا}، فمعنى {وَالْمَلَكُ} فهو: الملآئكة، فخرج اللفظ كأنه لملك واحد وهو لجميع الملائكة، كما قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ٦}⁣[ألانفطار: ٦]، فخرج الإسم كأنه لواحد وهو لجميع الناس، وأرجاؤها فهو: نواحيها وأطرافها وجوانبها، يريد سبحانه: أن الملآئكة عند تقطع السماء يكونون واقفين على أرجآئها، منتظرين لأمر الله فيها وفي غيرها.

  {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ١٧}، معنى {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} هو: يقوم به ويأمر فيه، وينهى بنهي الله تبارك وتعالى، والعرش فهو: الملك، والملك فهو: جميع ما خلق الله وبرى في الآخرة والدنيا، ومعنى {فَوْقَهُمْ} فهو: منهم، فقد خلقت فوق من؛ لأنها من حروف الصفات، يخلف بعضها بعضا، ومعنى {يَوْمَئِذٍ} فهو: يوم القيامة عند وقوع الواقعة، وانشقاق السماء وكينونة الحساب