تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الحاقة

صفحة 287 - الجزء 2

  {بِيَمِينِهِ} فهو: اليُمن والبركة، وما يلقى به الملآئكة أهل الدين والتطهرة، من البشارة من ربهم، والتبشير والتطمين لهم عند توقيفهم ومحاسبتهم، فهذا معنى قوله: {بِيَمِينِهِ} وكذلك قال ذو العزة والجلال، في أصحاب الميمنة، حين يقول: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ٨}⁣[الواقعة: ٨]، فأراد بقوله: {الْمَيْمَنَةِ ٨}: بالُيمن والبركة، والفضل والمغفرة، لا أن ثم ميمنة قصدها الله ولا ميسره.

  {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩} ومعنى {يَقُولُ} أي: هو قول من المؤمن الحاسَب عند تبشير الملآئكة بالرحمة، والرضى من الله والمغفرة، فتقول عند ذلك لمن يحاسبه من الملآئكة: {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩}، ومعنى {هَاؤُمُ} فهي: هاكم، فهو: حض على أن يقرؤا، وهي تخرج على المعنى: هلموا اقرؤا كتابيه، ومعنى {اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩} فهو: فسروا حسابيه، وأشرحوا أعماليه، وبينوا أفعاليه، استبشارا منه بجزاء عمله، وثقة منه بعدل ربه.

  {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠}، فمعنى {ظَنَنْتُ} أي: أيقنت في الدنيا أني ملاق حسابيه في هذا اليوم، فأخذت له أهبته، وعملت له عمله في دار الدنيا، فلقيت السرور في الآخرة التي تبقى، ومعنى {مُلَاقٍ} فهو: معاين مواقع مدان، {حِسَابِيَهْ ٢٠} فهو: مناقشتي على فعلي، ومحاسبتي على ما تقدم مني، صغيرا قدمته، أو كبيرا عظيما فعلته.

  ثم أخبر الله سبحانه بمكان من كان كذلك، ممن أخذ أهبته لذلك، فعمل على حذر من أمره، وتيقظ في دار دنياه لنفسه، فقال في من كان كذلك من المؤمنين المستعدين