تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الحاقة

صفحة 292 - الجزء 2

  فيه أثر قدرتنا، وعجائب تدبيرنا، من لطيف صنعنا، الشاهد بالربوبية لنا، الناطق بصدق رسولنا، من الآيات الباهرات، التي جآء بها النيرات، اللواتي هن دلالات وعلامات على أنه من المرسلين، بما جآء به من الأمر المبين {وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ٣٩} يقول: ومما لا ترون، مما قد علمناه، فأقسمنا به وذكرناه، من عجائب خلقنا، ودلائل فطرتنا، في الجن والملائكة، وغير ذلك من الأشياء المغيبة، التي لا ترونها بأعينكم، ولا تفهمونها لعجزكم وقلة استطاعتكم، واستدراك ما غاب عنكم.

  {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ٤٠} يقول: إن هذا الذي ذكره لكم رسولنا مما بعثناه به، وأيدناه بذكره، والاعذار فيه، والانذار، لا حق ما يكون من القصص والأخبار، من ذكر الحآقة والواقعة، وتشقق السماء إذ هي واهيه، ووقوف الملك على أرجائها، عند وقت تغييرنا لها وتبديلها، وظهور خافيات صدوركم، حين تعرضون على ربكم، واستبشار من أوتي كتابه بيمينه، وحلوله في ما وعدناه من جنتنا، وتمنى من أوتي كتابه بشماله عند وقت وقعت معاينته، لما كان يوعد به في حياته، القاضية المفنية، والجائحة المهلكة، وإقراره بقلة غناء ماله عنه، وهلاك سلطانه منه، وما ذكر ÷ لهم مما أمر بذكره، ووصفه لما أمر بوصفه، وشرحه لما أمر بشرحه، من الجحيم وأصلائها لأهلها، والسلسلة وذرعها، وغل أهلها في يوم الدين بها، وما أمر بذكره فذكره، والتحذير له فحذره، من أكل الغسلين، الذي جعل طعاما للخاطئين، فأقسم سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، أن لهذا القول كله من قول رسوله، لاحق من بعثه له إلى خلقه، وأمره بشرحه لجميع بريته، وأنه لقول رسول كريم، ولا هو كما يقولون، ولا كما يذكرون في كذبهم وما يسيطرون، فيزعمون أن رسول الله ÷ شاعر، ومره كاهن، ومره ساحر، ومره مجنون، فأخبر سبحانه أنه لقول رسول كريم، وهو صادق عليهم.