تفسير سورة (المعارج)
  لتلظيها، والتلظي فهو: التلهب والتقلب، وأكل ما يقع فيها بأسرع سرعة، {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ١٦} يقول: أكالة للشوي محرقة له ولغيره من بدن صاحبه، والشواء فهو: الجلد، وقد قيل: غير الجلد، وأحسن ما سمعنا فيه أنه الجلد.
  {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ١٧}، يريد بـ {تَدْعُو} أي: تأخذ من أدبر عن الله سبحانه، وإنما مَثَّل الله أخذها بالدعاء منها لمن تأخذ؛ لأن كل من حاز شيئا فقد استدعاه إليه، ومن استدعى شيئا إليه فقد دعاه وآواه وصار منه واليه، فقال: {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ١٧} توويه وتحرقه وتخريه، والمدبر، فهو: المدبر عن الله، وعن حقه المتعلق بما هو فيه من باطلة وفسقه، {وَتَوَلَّى ١٧} فهو: عدل عن الحق وأبى.
  {وَجَمَعَ فَأَوْعَى ١٨}، يقول: جمع الذنوب فأوعاها، ومعنى أوعاها فهو: جمعها كلها وأحصاها.
  {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩}، الإنسان فهو: الناس كلهم، {خُلِقَ هَلُوعًا ١٩} يقول: طبع وفطر على الضعف وضعف البنية والجزع مما يعظم عليه، ويشند أمره لديه.
  {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٢٠}، فالشر هو: كل أمر يشتد عليه من النوازل النازلات، والأمور الفادحات، والمصائب الحالات و {جَزُوعًا ٢٠} فهو: فزعا هلوعا، يقول: إذا أصابه ذلك جزع منه، وضعف لضعف بنيته عنه.
  {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ٢١}، معنى {مَسَّهُ} فهو: أصابه وواقعه، و {الْخَيْرُ} فهو: الرخاء والنعمة، والسرور والغبطة، و {مَنُوعًا ٢١} يقول: فهو: مانع لخيره بخيل بما عنده، قليل الإنفاق في مرضات ربه، في ما يقرب من خالقه