تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة (المعارج)

صفحة 304 - الجزء 2

  ثم استثنى سبحانه من الناس الذين نسب إليهم هذا الخبر أهل الإيمان والتقوى، والدين والهدى، فقال: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ ٢٢ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ٢٣} إلى قوله: {فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ٣٥}، معنى {عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ٢٣} فهو: لصلاتهم لازمون لايتركون منها شيئا ولا يفرطون في المثابرة عليها واللزوم لها.

  {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ٢٤}، يقول: يؤدون من أموالهم الحق الذي جعله الله من الزكاة عليهم، المعلوم فهو: المعروف بكيله ووزنه للسائل والمحروم، فهو: المتعفف اللازم لمنزله الذي يتوهم الناس أنه مستغن لتعففه وقلة طلبه، فيحرمونه لذلك ما يعطون غيره ممن يمد يده للسؤال ويطلب.

  {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ٢٦}، فيوم الدين هو: يوم القيامة، فهو: الجزاء بما تقدم من أعمال العباد، و {يُصَدِّقُونَ} معناها: يوقنون به ويؤمنون.

  {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ٢٧}، هو: خائفون وجلون، {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ٢٨}، ومعنى {مَأْمُونٍ ٢٨} فهو: غير مندفع ولا منصرف عن أهله بل هو يقينا مواقع لهم، لا يطمعون في انصرافه عنهم، ولا يشكون في هجومه عليهم.

  {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ٢٩}، فالفروج فهي: المذاكير التي جعلها الله سبحانه لهم لينالوا بها لذة الجماع، فأخبر ø أنهم لها حافظون، وحفظهم لها فهو: أن لا يجعلوها إلا في المواضع التي أحلها الله لهم من النساء، ألا تسمع كيف يقول ø: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}، يقول سبحانه: إلا على نسائهم، {أَوْ مَا