تفسير سورة (المعارج)
  مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}، فملك اليمين فهو: السراري من الإماء، {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ٣٠} يقول: غير معاقبين في مداناة النساء وملك الإماء؛ لأن الله تبارك وتعالى قد أطلق لهم ذلك فيما تسمع من القرآن.
  ثم قال سبحانه: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ٣١}، يقول: من ابتغاء لفرجه موضعا غير نسائه أو ملك يمينه من إمائه، فهم عادون، والعادون فهم: المعتدون لما جعل الله لهم، إلى ما حرم عليهم.
  {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ٣٢}، والأمانات فهو: صنوف، فمنها: أمانة الله عندهم فيما استرعاهم من حقه، وقلدهم من فرضه، ومنها: ما استأمنهم الله عليه من أداء ما جعل في قلوب العلماء من علمه، إلى من هو دونهم من خلقه، ومنها: ما استأمنهم عليه من أمواله التي قسمها بين من سمى في كتابه، فواجب على من استو من على شيء من أموال الله أن يؤديه إلى غاية الأمانة، ويوفره على غاية الوفارة، ومنها: من استأمن الناس عليه بعضهم بعضا من ودائعهم وأموالهم، فيجب عليهم في ذلك دفعها إلى أربابها، وتسليمها إلى أصحابها، ومن ذلك أمانة السر الذي يسره المؤمن إلى المؤمن، فواجب عليه أن يحفظ عليه سره، ولا يفشي عنه إلى غيره. وقوله: {وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ٣٢} وعهودهم فهي: ما أخذ الله على الخلق من الميثاق، والعهد بالتصديق بأنبيائه وكتبه، وما أخذ عليهم من العهود في القيام مع أوليائه، والنصر لمن نصره، وما أخذ عليهم من العهود في التعاون على البر والتقوى، وترك التعاون على الإثم والعدوان، الذي نزل إليهم علمهما في القرآن، حين يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، ومعنى {رَاعُونَ ٣٢} فهو: حافظون مؤدون.