ومن سورة نوح
  بالمعصية التي كانت منهم، فلم يبلغوا ما أَجَّلَ الله لهم من الأجل على الطاعة إذ لم يكن منهم الطاعة، فنزل بهم العقاب فقطع مدنهم عما وَقَّتَ لهم من الآجال على الطاعة لهم وقوله: {مُسَمًّى} فمعناه أي: معروف مجعول.
  {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤}، معنى قوله: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ} يريد صلى الله عليه: إن عقوبة الله التي يقطع آجالكم إذا نزلت بكم لا تؤخر عنكم إلى الغاية التي جعلت لكم على الطاعة، {لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤} يقول: لو كنتم تعقلون وتفهمون ذلك وتدرونه على حقيقة المعرفة، فأخبرهم بذلك أن الأجل عند الله أجل أجَّله لهم على التوبة ولإنابة ولزوم الطاعة، فأخبرهم أنهم إن كانوا كذلك استوفوه، وأن عَنَدُوا عن الطاعة وارتكبوا المعصية نزل بهم العذاب القاطع لهم عن بلوغ ذلك الأجل المؤجل لهم، الذي ذكرنا على الطاعة منهم، وهذا الأمر الذي ذكرنا أنه ينزل من الله تبارك وتعالى بأعدائه فيهلكهم عند نسيانهم له وإسافهم، وأقدامهم على معاصيه، واقترابهم من العذاب المهلك المستأصل، فهو: قول نوح صلى الله عليه: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤} أراد صلى الله عليه: إن عقوبته التي تقطع آجالكم إذا حقت عليكم بفعلكم لم تؤخر عنكم، ولم يرد أجل السلامة الذي جعله مدا لمن سلم من عقوبته، وهذا من فعل الله سبحانه، وقتله بعذابه لمن قتل من أعدائه المستحقين لعقوبته، كقتل بعض الناس بعضا، فكأن الله ø بما أنزل على الفاسقين من العقوبة والتهلكة، قاطعا لآجالهم التي أجلها على السلامة؛ لأن الله تبارك وتعالى قد جعل في الخلق استطاعة، يقدرون بها على المعصية والطاعة، وينالون بها قتل المقتولين، وغير ذلك من ظلم المظلومين، والاحسان إلى من أحبوا الإحسان إليه، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ