تفسير سورة الجن
  الأيام، وذلك أن الله سبحانه صرف اليه نفرا من الجن ليسمعوا ما يتلوه فيؤدوه إلى جميع الجن، ليكون ذلك دعوة منه لهم، وأحتجاجا منه عليهم، وذلك قوله سبحانه: {صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ}[الأحقاف: ٢٩]، فأتوا إلى رسول الله ÷، فلما أن سمعوا ما يتلوا من كتاب الله قالوا ما ذكر الله من هذا القول، والإيمان به والتصديق له، وإلاقرار برسول الله ÷، فقبلوا ذلك بأحسن قبول يكون من القابلين، ثم تولوا إلى قومهم منذرين، ثم كان من إقرارهم على سفهائهم الجاحدين به، بحجج نبيئهم بالكفران، والشطط والعصيان، وذلك قولهم:
  {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ٤}، ومعني {كَانَ يَقُولُ} أي: لم يزل يقول {سَفِيهُنَا} أي: كافرنا {عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ٤} فهو: كذبا وزورا وباطلا، وأمرا جسيما جليلا؛ لأن الشطط في كل معني هو الامر الصعب العظيم.
  {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ٥}، معنى {ظَنَنَّا} أيقنا، ومعنى: {أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ٥} أي: أن شرار الإنس والجن يقولون على الله الكذب، ولن هاهنا حشو وتزيين للكلام.
  {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ٦}، فهذا إخبار من الله ø عمن كان من الإنس يعوذون بالجن، ومعنى {يَعُوذُونَ} فهو: يلوذون ويستجبرون، {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ٦} أي: فزادوهم إثما وبلا ولم ينفعوهم في شي من الاشياء، التي طلبوا منفعتهم فيها، ليزدادوا بفعلهم رهقا، والرهق فهو: ما ذكرنا من الإثم عند الله والضرر، وذلك إن العرب في الجاهلية كانوا إذا نزلوا واديا او فضاء من الارض في مجمعه او سفر، قالوا عند وقت