تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الجن

صفحة 332 - الجزء 2

  نزولهم، وحطهم لرحالهم: إنا نعوذ بكبراء أهل الوادي وسكانه من الجن، من شر شرارهم، فكانوا كذلك، فيعوذون بالجن ويتركون التعوذ بالله، فأخبر الله سبحانه أن ذلك يزيدهم إثما، وبلاء، وجرما، ولايرون به منفعه ولارخاء، ومعنى {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ٦} أي: زادوهم بتعوذوهم إثما وبلاء.

  {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ٧}، معنى {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا} فهم: سفهاء الجن كانوا يظنون كما يظن أهل الجاهلية من الإنس، {أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ٧} أي: أن لن يبعث الله رسولا إليهم، فكانوا في الإنكار للرسل هم وسفهة الإنس سواء، حتى جاءهم من الله البيان، ووضح لهم الحق بأوضح البرهان، ومعنى {يَبْعَثَ} فهو: يرسل رسولا يحتج بحجته، ويدعو الثقلين إلى طاعته.

  {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ٨}، فمعنى {لَمَسْنَا السَّمَاءَ} أي: حسسناها واستخبرنا خبرها، ودانيناها لنعلم أمرها، وما هذا الذي حدث فيها؟ {فَوَجَدْنَاهَا} أي: وجدنا من أمرها وخبرها أنها {مُلِئَتْ حَرَسًا}، ومعنى {مُلِئَتْ} أي: جعل فيها كلها حتى أحصيت، والحرس فهم: الملائكه À، الذين يحرسون مقاعد السماء وأقطارها، من مرده الجن وشياطينهم لكي لايأخذوا شيئا من أخبارها، ومعنى {شَدِيدًا} فهو: قويا حافظا، {وَشُهُبًا ٨} فمعناها: نجوما متوقدة، جعلت لهم رجوما، وإنما سميت شهبا لتوقدها وتلهبها، فشبهت بالنار في توقدها، وهذه النجوم فلم يكن يرمى بها من قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه آله