تفسير سورة المزمل
  وأدفعوها إلى أهلها وسلموها، ومعنى {الزَّكَاةَ} فهو: ما جعل الله من أداء عفو أموالهم، فسمى الله ذلك وإخراجه منهم تزكية وتطهره لهم، فجعل من أدى ذلك زاكيا، وسماه لماله مزكيا، وإنما سمي ذلك زكاة؛ لأنه يزكي الأبدان، وتزكية الأبدان فهو: تطهرتها من الغلول والعصيان، وما نهى الله من حبسها جميع كل إنسان، فكان تسليمها لله طاعة، وكانت طاعة الله في ذلك تزكية لمن فعله وتطهرة.
  ثم قال سبحانه: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}، ومعنى قوله: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ} فهو: أَسلِفُوا الله، أي: افعوا لله ما تثابون عليه وتعطون من الثواب الجزيل فيه، وإنما سماه الله قرضا وسلفا؛ لما أن كان سبحانه لمن فعل ذلك مجازيا [مضعفا] فجاز أن يسميه سلفا وقرضا؛ إذ كان منه الجزاء لفاعله حكما وفرضا، فشبهه بالسلف الذي لا بد من قضائه، وتسليم مثله إلى صاحبه وأعطائه، فعلى هذا جاز أن يسمى ما تقرب به إليه سلفا؛ إذا كان بالمجازاة لهم عليه مرصدا ومضاعفا، وكان حكمه بالمكافأة لهم في ذلك ماضيا.
  ألا تسمع كيف قال سبحانه: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} يقول سبحانه: ما تعطوا وتخرجوا، وتنفقوا في سبيل الله وتسلفوا، تجدوا عند الله ثوابه والمكافأة عليه، والمجازاه منه سبحانه فيه، ألا ترى كيف يقول سبحانه: {لِأَنْفُسِكُمْ}، فأخبر ø أن جزاء ذلك أن لا يكون لغيرهم، وأن منفعة ما ينفقون في أمر الله لا يكون إلا لهم، وأنهم سيجدون ثواب ذلك وأجره عند الله موفرا لهم.
  والخير الذي قال الله: {هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} يعني بقوله: {خَيْرًا} أي: تقدمته لأنفسكم إلى الله، خيرمن إمساكه عن الإنفاق في طاعة الله، {وَأَعْظَمَ