تفسير سورة المدثر
  الأمور الكبار التي جعلها الله سبحانه وفطرها، ولعمري ما من شيء أكبر هولا، ولا أعظم أمرا، ولا أشد على الخلق خطرا، من سقر، التي لا تبقي ولا تذر، معنى: {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ ٣٦} يقول: منبها ومُخُوِّفا. وقوله: {لِلْبَشَرِ ٣٦} والبشرهم: الناس أجمعون.
  ثم قال سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ٣٧}، يريد بقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ} أي: لمن أراد منكم ومعنى {يَتَقَدَّمَ} أي: أن يتقدم في أهبة أمره، والتخلص من عذاب ربه، والتخلص من عذاب ربه، التنحي من هذه التي هي إحدى الكُبرَ، التي هي بلا شك سقر، {أَوْ يَتَأَخَّرَ ٣٧}، يقول: يتأخر عن العمل بما ينجيه منها، ويُسَوِّف التوبة التي هي سبب النجاة من عذابها، حتى يأتيه أجله، فينقضي عمله، فيكون بتأخره عن التوبة من الهالكين، كما كان من تقدم بالتوبة والعمل الصالح من الناجين.
  ثم قال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}، فأخبر ø أن المتقدم والمتأخر مأخوذ بعمله، مجازىً بفعله، وأن كل نفس رهينة بكسبها، وكسبها فهو: عملها، وبما قدمته في حياتها من برها ورشدها، أو غيها وفسقها وكفرها.
  قوله: {رَهِينَةٌ ٣٨} فمعنى {رَهِينَةٌ ٣٨} أي: مأخوذة مرتهنة، ومعنى مرتهنة أي: محبوسة محاسبة.
  {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ٣٩}، فذكر سبحانه أن كل مسيء وظالم وعاصي متعد مأخوذ بفعله، معاقب على صنعه، ثم ميز بينهم وبين عدوهم من أهل الإيمان، فقال: {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ٣٩}، فذكر أن أصحاب اليمين ناجون، ومن عذاب الله سالمون، وأصحاب اليمين فهم: أصحاب الدين والمعرفة واليقين، ومعنى