تفسير سورة المدثر
  {الْيَمِينِ ٣٩} فهو: اليُمن والبركة في التقديس من الله والنعمة، لا أن ثَمَّ يمينا وشمالا.
  ثم قال: {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ٤٠ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٤١}، فالجنات فهي: ما ذكرنا من مواضع النعمات والسرور، والغيطة والملك والحبور، {يَتَسَاءَلُونَ ٤٠ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٤١}، فأخبر أن المتقين أصحاب اليمين والخير، إذا صاروا إلى دار النعيم، ومحل المؤمينن يتساءلون فيما بينهم عما كانوا يعرفونه من المجرمين، وتساؤلهم فهو: تذاكرهم لهم، ولما كان في الدنيا من تجبرهم وكفرهم، إيقانا منهم بما صاروا إليه من عذاب النار، وانقلبوا إليه من سوء الدار.
  ثم رجع سبحانه فذكر مساءلة خزان النار لأهل النار وتقريعهم لهم، لما كان من فسقهم وكفرهم وإعراضهم عن ذكر ربهم، فقال: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢}، حكى قول الخزنة من الملائكة البررة للفاسقين المعذبين ومعنى {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢} أي: ما أولجكم وأدخلكم في سقر، وهذا من الملائكة À تقريع لأهل النار، وتبكيت للفجرة الكفار، لا أنهم جهلوا ما الذي سلكهم فيها! وصيرهم من حكم الله إليها! وكيف يجهلون ذلك؟! وهم بحكم الله عارفون؟! وبعدله واثقون؟! وبما سلك عباده في جهنم عالمون؟!
  ثم ذكر سبحانه ما يكون من جواب أهل النار لهم، فيما عنه سألوهم، فقال: قالوا: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤}، أي: ندفع الزكاة، فأقروا على أنفسهم بأنهم لم يكونوا يؤدون فرض الصلاة الواجبة، وأنهم لم