تفسير سورة المدثر
  يكونوا يطعمون المسكين، ومعنى {نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤} أي: ندفع فرض الزكاة الواجبة، التي جعلها الله للعالمين نجاة، ثم قالوا: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ٤٥} ومعنى {وَكُنَّا} فهو: أي لم نزل، ومعنى {نَخُوضُ} فهو: ندخل فيما دخلوا فيه، ولم نزل على ما كانوا عليه، والخائضون: فهم العاصون الداخلون في معاصي الله، الخائضون فيما لا يرضى الله، من قول أو فعل.
  {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦}، فاقروا بما كانوا فيه في الدنيا من التكذيب بيوم الدين، ومعنى {نُكَذِّبُ} فهو: نبطل ونجحد ولا نصدق {بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦}، والدين فهو: الجزاء على ما كان من أفعالهم، تقول العرب: فلان يدان بفعله، أي: يجزى بفعله، وكذلك روي أنه مكتوب في التوراة (يا بن آدم كما تدين تدان) أي: كما تُعطي تعطى، {بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦} فهو: وقت الدين، وهو اليوم الذي يجازى فيه العالمون، ويحشر فيه المربوبون.
  {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ٤٧} واليقين ها هنا فهو: الموت الذي وعدوا به، ومعنى {أَتَانَا} فهو: واقعنا ونزل بنا.
  قال سبحانه: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ٤٨}، يقول ﷻ: أنهم لو شُفع فيهم لم تكن الشافعة تنفعهم {شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ٤٨}، وإنما هذا تمثيل من الله وإعلام لعباده بكفرهم، وعظيم جرمهم، وذلك أن الشفاعة تنفع في موضع الأمر اليسير، ولا تنفع في الموضع الذي فيه حكم من الله عليهم بالعقوبة، لا أن أحدا من الأنبياء و المرسلين، ولا الملآئكة المقربين، À يشفع لأحد من أهل الوعيد حاش لله أن يكونوا كذلك، أو يفعلوا شيئا من ذلك.