تفسيرسورة القيامة
  بلي، من عظم أو لحم حتى نرد بنانه إلى الاستواء، بعد ما كان عليه من الخراب والفناء.
  ثم قال: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ٥} الإنسان: هو الناس، والارادة فيهم هي: المشيئة، {لِيَفْجُرَ} أي: ليعصي ربه، ويتبع شهوة نفسه، ويسعى في لذة قلبه، ومعنى {أَمَامَهُ ٥} فهو: ما بقي من عمره وحياته، يريد: أن الفاسق يريد أن يجعل باقي حياته كلها فجورا وفسقا، وعصيانا لله سبحانه وعتيا.
  {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ٦} معنى {أَيَّانَ} أي: متى يوم القامية؟ فأخبر سبحانه بأول أشراط يوم القيامة، {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ٧ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩}، فأخبر أن القيامة إذا كانت هذه الشروط وعوينت، فهو: يوم القيامة، ومعنى {بَرِقَ الْبَصَرُ ٧} فهو: شَخَصَ وحَارَ لما يرى من هول ذلك اليوم، {وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨} فهو: سقط وذهب وانحل وانقضى، ومعنى {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩} فهو: جمعا في نفاذ الإرادة فيهما، وإمضاء المشيئة في فنائهما وانقضائهما، فيقول: جمعا جميعا في حكم الذهاب والفناء، وزوالهما عن مراتبهما، وجمعا في المنع لهما عن الجولان والدوران في أفلاكهما، وصارا ممنوعين مما كان عليه، منقولين مما كانا فيه، مجتمعين في الفناء، وفي التقطع والانقضاء، فقد انتظمهما ذلك جميعا، ونزل بهما أمر الله معا، فهذا معنى {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩}.
  {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ١٠}، يريد: أين المذهب؟! عندما يرى من البلاء، ووقوع الوعيد عليه والجزاء، والإنسان الذي يقول ما ذكر الله من قول الإنسان، فهم: أهل الكبائر والعصيان.
  {كَلَّا لَا وَزَرَ ١١}، يريد بـ {كَلَّا}: إنكارا عليه لطعمه في المفر، ومعناها لا يكون وزر، والوزر: فهو الملجأ والمفر.