تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسيرسورة القيامة

صفحة 385 - الجزء 2

  التي ذكر الله أنه يصعق بها من في السماوات ومن في الأرض، ومعنى يصعق فهو: يموت ويذهب، ومعنى هذه النفخة الأولة التي ذكرالله فقال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}، فهو: صُوَر الخلق وأبدانهم، ومعنى نفخ فيها فهو: وقع فيها وَوَاقَعَهَا من أمرالله ما أفتاها، وحل بها من قضائه ما أزالها وأمضاها، فعند وقوع هذه النفخة تموت أرواح الخلق والجن والملائكة، ثم ينفخ فيها النفخة الثانية بالحياة كما قال الله: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ٦٨}⁣[الزمر: ٦٨] يقول ø: نفخ في الصوربالحياة مرة أخرى، كما نفخ فيه بالموت أولا، ومعنى {نُفِخَ}: جعل، كما قال الله سبحانه: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٢٩}⁣[الحجر: ٢٩، ص ٧٢]، يقول: جعلت فيه الروح، فنفخ الله تبارك وتعالى في الصورهوالحياة، كنفختة في صورة آدم بالحياة، وجعل الروح فيهم، كما جعله في صورة أبيهم.

  {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ٣١}، فطرح الألف، وهذا موضعهما وهو يريدها، وقد تقدم شرح هذا المعنى منا في غير هذا المكان، يريد بهذا اللفظ سبحانه: فلو كان في حياته من المصدقين، بما جاء من رب العالمين، على لسان النبي الأمين وكان من المصلين، لكان بذلك عند الله من الفآئزين، ولكن لم يكن كذلك، فكان من الهالكين.

  ثم قال سبحانه: {وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ٣٢}، معنى {وَلَكِنْ} هو: بلى، يقول: بل كذب وتولى، أي: كذب بالحق، أي: جحد ولم يقر ولم يصدق، {وَتَوَلَّى} يقول: التوى عن الحق، وانصرف عن الصدق.

  {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ٣٣}، يقول: رجع من عند الرسول صلى الله