تفسير سورة الإنسان
  ومعنى {كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥}، فهو: إخبار من الله أن طعم ما يُشرب من تلك المياه يوجد كالمخلوط بالكافور، وهو أطيب ما يكون طعما ورائحة.
  ثم قال: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ٦} والعين من الماء: السائح على وجه الأرض الكثير الجاري، ومعنى {يَشْرَبُ بِهَا} أي: يشرب منها، {يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ٦} أي: يصرفونها حيث ما شاءوا ويسيلونها أين ما أحبوا تسييلا.
  {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} فمعنى يوفون: يتمون، ويوفون ويؤدون ما عليهم من ذلك، والنذر فمعناه: الواجب من كل شيء، وكل ما وجب على الإنسان من شيء فهو: نذرٌ عليه، من ذلك أن يوجب على نفسه لله شيئا وينذره، ومعنى ينذره أي: يوجبه على نفسه من صيام أو صلاة، أو عتق أو صدقة، أو في شيء من أفعال البر، ومن النذر: أداء واجب الزكاة، ومن النذر: الصيام والصلاة وغيرهما من الفرائض الواجبات، وكل ما أوجب الله على العباد من فرائضه، أو أوجبوه على أنفسهم له، فهو: نذر عليهم؛ لأن العرب تسمي كل واجب نذرا، وتدعوه بذلك، من ذلك ما تقول العرب لمن تثق به وتعدله في تقدير جراحها: نَذْرُ جراح فلان، تريد: أوجب فيها من الدية والغرم والواجب ما يجب في مثلها، ويقول: نذر هذا الجرح كذا وكذا، تريد: الواجب فيه. فمدح الله سبحانه كل موفٍ بنذره، ومؤديا للواجب عليه في كل أمره.
  {وَيَخَافُونَ} فهو: يتقون ويحاذرون، {يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ} فهو: يوم القيامة، وشره فهو: بلاؤه وعذابه وحسراته وشقاؤه، {مُسْتَطِيرًا ٧}، أي: ظاهرا عليا مكشوفا مبينا.