تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الإنسان

صفحة 396 - الجزء 2

  فهو: في الجنة التي ذكرالله على الأرائك، والأرائك فهي: الأرائك المعروفة التي تضرب في صدور البيوت، يرقد فيها ويتكأ عليها، ويرخى جوانبها على من فيها من أهلها، وتذال جوانبها وأغشيتها، وهي تكون كلها من الحرير.

  ومعنى {عَلَى الْأَرَائِكِ} فهو: في الأرائك، غيرأنها حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، وهي الثمانية والأربعون حرفا، قال الله سبحانه فيما حكى عن فرعون اللعين: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}⁣[طه: ٧١] فأراد: على جذوع النخل، فأقام {فِي} مقام (على) وكذلك قال هاهنا: {عَلَى الْأَرَائِكِ}، فأقام {عَلَى} مقام (في) قال الشاعر:

  شربن بماء البحر ثم ترفعت ... لدا لجج خضر لهن نئيج

  فقال: ترفقت لدا لجج، يريد: على لجج فأقام (لدى) مقام (على)؛ لأنها من حروف الصفات، وكذلك تقول العرب: رضي الله عليك، تريد: رضي الله عنك، وأكثر من يستعمل ذلك فأهل اليمن، وقد قال غيرنا: إن الأرائك هي الأسره، وليس بمعروف في اللغة ولله الحمد.

  ثم قال سبحانه لا: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ١٣} يعني سبحانه: في الجنة، ومعنى {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ١٣} أي: لا يجدون فيها وهج شمس ولا حرها، والزمهرير فهو: البرد الشديد الذي ينتفض منه الإنسان، وتضطرب منه أعضاؤه، لشدته وألمه ومداخلته لجميع بدنه، فأخبر تبارك وتعالى أنهم لا يجدون في الجنة حَرًّا مؤذيا، ولا بردا مؤلما، وأن هواها ألذ هواء، وحال أهلها أحسن حال، دائم نعمته، سرمد سروره.