تفسير سورة الإنسان
  ربه فهو: ذكره، وهو القرآن {بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٢٥}، فالبكرة أول الغداة، وهي صلاة الفجر، وأصيلا فهو: العشى، وهو صلاة الظهر والعصر.
  {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ٢٦} فهو: صلاة المغرب والعتمه فأمره سبحانه بالسجود في هذه الأوقات، وهي أوقات الصلاة، وأمره بالتسبيح ليلا طويلا، والطويل هاهنا الذي أمره به فهو: من حين يدخل في الصلاة حتى يفرغ منها، فهذا فرض التسبيح الذي ذكر الله سبحانه، وقد يدخل في ذلك كل ما كان من التسبيح في غير الصلاة، والتقرب بذلك إلى الله فكان أمره له بالتسبيح في الصلاة فرضا، وما كان في غير الصلاة فهو: نافلة ووسيلة إلى الله وخير وفضيلة.
  ثم قال: {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} وهولاء فهم: الذين كانوا على عصر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، من أهل الشرك والكفر والمضارة له، يحبون ويؤثرون ويختارون العاجلة، والعاجلة فهي: الدنيا الأولة، {وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ} يقول سبحانه: يتركون ما وراءهم ويرفضون، ومعنى {وَرَاءَهُمْ} فهو: قدامهم، غير أن وراء وقدام من حروف الصفات، وقد تقدم ذكر حروف الصفات أن بعضها يخلف بعضا في مكانه، وقال لبيد ربيعه العامري في ذلك:
  أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لزوم العصا تحنى على الأصابع
  أخبر أخبار القرون التي مضت ... أدب كأني كلما قمت راكع
  {يَوْمًا ثَقِيلًا ٢٧} فهو: يوم القيامة، والثقيل فهو: الشديد الهائل العظيم الفادح لأهله.