تفسير سورة النبأ
  والمثمرات، من الفواكه كلها المأكولات، الملتذ بأكلها، المتنعم بطعمها، وغير ذلك من الأشجار الملتذ برائحتهن، المتفكه بشمهن، من الرياحين وغيرها من الأشجار المنورة، المختلفة بنوارها التي تجري من تحتها المياه، قد فجرت فيها أنهارها تفجيرا، وأبهجت سبلها سبلا وسبيلا، وأعد فيها مما اتخذ من مجالس دورها، ومتنزهات قصورها، فاختلفت هذه الجنان لأهلها، وتزينت لهم بما فيها، فإذا كانت كذلك، وكان السبب فيها على ذلك، فقد انتظمها اسم الجنان، وفي ذلك ما يقول الرحمن الرحيم: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٢٥ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ٢٦ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ٢٧ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ٢٨}[الدخان: ٢٥ - ٢٨] فسمي ما كان على ما ذكرنا من الأرض: جنانا، لما فيها من الملك والنعيم، والسرور والخير الكريم، فشبهت في الإسم بالجنان التي ذكر الله في الآخرة التي فيها النعيم، الذي هو النعيم حقا، المقيم أبدا، فاشتبها في الاسمين، وتفاوتا - ولله الحمد - في المعنيين والحالين والصفتين.
  وكيف لا تتفاوت وكل ما في الآخرة فدائم أبدا، لا يعدم صيفا ولا شتاء، ولا يكون له أمد يبلغه ولا انتهاء، نعيمها ميقم، وملكها سرمد كريم، وما في الدنيا فيزول