تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة النبأ

صفحة 438 - الجزء 2

  {وَأَعْنَابًا ٣٢} فهي: الأعناب المعروفة، التي يغني اسمها عن تفسيرها، لمعرفة الناس بها، والكواعب فهن: النساء النواهد، والناهد فهي: التي برز ثديها، وتبين للناظرين في صدرها، الذي لم ينكسرولم يمل، فذلك تسمى كعابا وناهدا، والأتراب هو: الأمثال المشبهات في القد والجسم والصورة والخلق.

  {وَكَأْسًا دِهَاقًا ٣٤} والكأس فهو: ضَربٌ من الأقداح يشرب فيها الماء وغير الماء من العسل واللبن، تكون الكأس من الفضة والذهب، ويكون في الآخرة من ذلك ومن غيره من الجواهرو الياقوت الأحمر، والدر الأبيض، والزمرد الأخضر، ودهاقا فمعناه: مملوءا مترعا، فأعد الله ذلك كله للمؤمنين.

  ثم قال: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ٣٥}، واللغو فهو: الباطل والمحال، والأذى والطرح والمقال، وما يغم المؤمنين سماعه، ويكرهون استماعه، {وَلَا كِذَّابًا ٣٥}، والكذب فهو: الخلف للمواعيد، والكذب في الأقاويل، فأخبرأنهم لا يجدون في تلك الدار خلفا لما وعدوا، ولا كذابا لما أملوا ورجوا، وأنهم سيجدون ما وعدوا، ويعاينون في دار الخلد ما أملوا، وأن آمالهم ورجاءهم وظنونهم غير كاذبة ولا باطلة، وأنها لهم على أفضل ما ظنوا، وأكمل ما رجوا، وأوفر ما طلبوا، لم يكذب الله لهم ظنا، ولم يخلف لهم أملا، هذا معنى {كِذَّابًا ٣٥}.

  ألا تسمع كيف يقول القائل: ظننت ظنا فكذبني ظني، يريد: أملت أملا فأخلفني أملي.

  {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ٣٦}، يقول تبارك وتعالى: إن ذلك منه كله جزاء للمؤمنين على أفعالهم، وعطاء منه لهم على أعمالهم، المرضية له، المتبعة أمره،