تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة النبأ

صفحة 439 - الجزء 2

  {عَطَاءً} ومعنى عطاء فهو: هبة وجزاء، {حِسَابًا ٣٦} يقول: عطاء كثيرا، إن حسب كثر حسابه، وإن عد لم يحط بعدده، كثيرا جسيما، جزلا عظيما.

  ثم قال سبحانه، ø عن كل شأن شأنه: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ٣٧}، ومعنى {رَبِّ السَّمَاوَاتِ} هو: مالكها وقاهرها، وصاحبها ومقدرها، وكذلك الأرض وما بينهما، ومعنى {وَمَا بَيْنَهُمَا} فهو: ما على وجه الأرض من الإنس وغيرهم من الأشياء، وما فوق ذلك من الجن والإنس والسحاب والنجوم في الهواء، فهو: مالكهما ومدبرهما، ومالك ما بينهما، وسيدهما ومليكهما، {الرَّحْمَنِ} فهو: صاحب الرحمة والسلطان، والعظمة والبرهان، وهو اسم من أسامي العزيز الجبار، {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ٣٧} أي: لا ينالون عنده مخاطبة ولا بهتانا، ولا مكابره ولا جحدانا، و {مِنْهُ} فمعناها: عنده، فقامت مِن مقام عند، وهذه حروف الصفات يخلف بعضها بعضا، ويجزي بعضها عن بعض، من ذلك قوله الله سبحانه فيما حكى عن فرعون اللعين: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}⁣[طه: ٧١] والجذع لا يصلب فيه، وإنما يصلب عليه، أراد: لأصلبنكم على جذوع النخل، فقامت {فِي} مقام (على)، وكذلك قامت (مِن) مقام (عند)، في قوله: {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ٣٧}، فأخبرعز وجل أنهم لا يملكون عنده قبول معذرة، ولا ينفعهم جحدان، ولا يجوز عنده إلا الحق في ذلك اليوم، وهو: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا}، وقيامهم فهو: وقوفهم بين يدي ربهم، وانتظارهم لأمر خالقهم، {صَفًّا} فهو: صفوفا، و {الرُّوحُ}