تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأنعام

صفحة 197 - الجزء 1

  فلو كانت هذه الكلمة حقا لله وقضاء قضى به عليهم، ما نفاها عن نفسه، ولا أكذبهم فيها، كما لم ينف عن نفسه ø خلق السماوات والأرضين، وخلق جميع المخلوقين، فلما كانت أفعال المخلوقين وكلامهم، وظلمهم لنفوسهم منهم، نسبها الله إليهم، وذمهم فيها، وعاقبهم عليها، جزاء على فعلهم، كما قال الله سبحانه: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ١٨٢}⁣[آل عمران: ١٨٢].

  وأما جعله لصدر الفاسق ضيقا حرجا، فهو: بالخذلان منه له، وترك التوفيق والتسديد، وبما يزيد أولياؤه في كل يوم برهانا، من الحجة النيرة والبيان، وبما يقيم لهم به حقهم، ويثبت لهم به دعوتهم، فكلما زاد الله أولياءه نوراً وظهور حجة، إزدادت صدور أعدائه حرجاً بذلك وضيقا، فهذا معنى جعله لصدر عدوه ضيقا حرجا.

  ٦٣ - وسألت عن قول الله سبحانه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ} ... إلى قوله: {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}⁣[الأنعام: ١٥٨]؟

  فقال: معنى إتيان الملائكة فهو: حضورها لقبض أرواحهم عند الموت، ومعنى قوله: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} فهو: يأتي حكم ربك عليهم بذلك، ومعنى قوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} يقول: يأتيهم بعض آيات الله وغِيَرِه وانتقامه لأهل معصيته، والآيات فكثيرة، منها: الجوع، ومنها: العطش، ومنها: ذهاب الأموال، ومنها: نزول بعض نقمه عليهم من هلكة أو غيرها، ومنها: تسليط بعضهم على