ومن سورة الأعراف
  يقول: {ذُرِّيَّتَهُمْ}، فأخبر بذلك أنه عنا الذرية التي تخرج من الظهور، ومعنى {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} فهو: بما جعل من حجج العقل، الشاهدة لهم وفيهم، هذه بحقائق ما أخذ الله من الإقرار بربوبيته ووحدانيته عليهم.
  ٧١ - وسألت عن قوله سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ١٧٩}[الأعراف: ١٧٩]؟
  فمعنى قوله: {ذَرَأْنَا} هو: أنشأنا وجعلنا، وهو الذرو الآخر، والنشأة الآخرة في يوم القيامة، عند خروج الناس من قبورهم، فيساق أهل كل دار إلى دارهم، من عمل في الدنيا خيرا حُشر إلى الجنة، وذُري لها، ومن عمل في الدنيا شرا حُشر إلى النار وأنشئ لها وإليها، جزاء على عمله، وإعطاء لما أسلف من فعله، وأما ما ذكر الله من القلوب والأعين والأذان، فإنه أخبر بذلك أنهم كانوا لا ينتفعون بها في الدنيا، كانوا لا يميزون بقلوبهم ما أمروا بتمييزه، ولا يعتبرون بما يرونه من أثر صنعة الله لغيرهم، ولا يقبلون عن الله ما يسمعونه بآذانهم، فهم في قلة القبول والاهتداء، وترك الانتفاع بما يُسمع ويُرى، كالأنعام بل هم أضل من الأنعام، لأن معهم من التمييز ما ليس معها، ثم هم في الإعراض وقلة الانتفاع كهن سواء، فهم بذلك