ومن سورة يونس
  وطرحُ الألف في القرآن كثير، وفي لغة العرب وأشعارها، من ذلك قول الله سبحانه: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ١}[القيامة: ١]، {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ١}[البلد: ١] المعنى فيها: معنى قَسَمٍ، أراد الله سبحانه ألا أقسم، فطرحها استحفافا لها، فمخرج اللفظ معنى نَفْيٍ، وإنما معناه معنى إيجاب، ألا أقسم.
  وقد تثبتها العرب في كلامها وهي لا تريدها، فيخرج معنى اللفظ معنى نفي، وإنما معناه معنى إيجاب. من ذلك قول الله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[الحديد: ٢٩] فقال: {لِئَلَّا يَعْلَمَ} وإنما المعنى فيها: ليعلم. فأثبت فيها وهو لا يريدها، وقد تفعل ذلك العرب تثبتها (لا) وهي لا تريدها، وتطرحها وهي تريدها، فإما أثباتها وهو لا يريدها في قوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}، فأثبتها وهو لا يريدها، وأما طرح الألف وهو يريدها فهو: ما ذكرنا من قوله: {لِيُضِلُّوا} وقوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ١}[القيامة: ١] و {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ١}[البلد: ١] ومثله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ١٤٧}[الصافات: ١٤٧] فقال: {أَوْ يَزِيدُونَ} فأدخل الألف ها هنا وهو لا يريدها، وإنما معناه: يزيدون على المائة الألف، فخرج المعنى حين أثبت الألف معنى شك، وإنما المعنى: معنى إيجاب، ونَسَقَ بالواو للزيادة على المائة الألف، غير أن الألف دخلت وليس لها هاهنا معنى، فاختلف الظاهر والمعنى.