مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المنصوبات]

صفحة 314 - الجزء 1

  فأبدل اليعافير والعيس من الأنيس وليسا منه. قلنا: بل صارا منه لأنهما لما جاورا هذا المكان واختصا به صارا أنيسين له (أو كان) المستثنى (بعد خلا وعدا) فإنه ينصب (في) قول (الأكثر) نحو: «جاءني القوم خلا زيداً وعدا زيداً»؛ لأنهما فعلان فاعلهما مضمر فيهما وتعديا في الاستثناء خاصة⁣(⁣١) إلى مفعول بعدهما تقديره خلا⁣(⁣٢) بعضهم زيداً وعدا بعضهم زيداً ومنه قول الشاعر:

  ١٢٧ - يا من دحا الأرض ومن طحاها ... أَنْزِلْ بهم صاعقةً أراها

  تحترق الأحشاء من لظاها ... عَدَا سُلَيْمَى وعَدَا أباها(⁣٣)


= في معنى المستثنى حتى جعله نوعاً من المستثنى منه، فقدر اليعافير والعيس نوعاً من الأنيس وهذا ما لمح إليه السيد الشارح ¦ أو توسع في المستثنى منه فكأن الاستثناء في الحالتين متصل. وانظر: همع الهوامع، وكتاب سيبويه وشرح التصريح.

(١) أما عدا فهو متعد في غير الاستثناء أيضاً يقال: عداه الأمر إذا جاوزه، وأما خلا فهو لازم فيه كما ذكر والله أعلم في (الخبيصي) حيث قال: لا يتعدى إلا في الاستثناء، وفي (الرضي)، وأما خلا فهو لازم يتعدى بمن نحو: «خلت الدار من الأنيس» وقد يتضمن معنى جاوز فيتعدى بنفسه كقولهم: افعل هذا وخلاك ذم وألزموها هذا التضمن في باب الاستثناء فيكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا التي هي أم الباب. (بلفظه) فعلى هذا لا يتم ما ذكره صاحب الحاشية في خلا أيضاً من أن تعديه في الاستثناء خاصة فتأمل.

(٢) فاعل خلا وعدا عند النحاة «بعضهم» وفيه نظر؛ لأن المقصود في «جاءني القوم خلا زيداً أو عدا زيداً» أن زيداً لم يكن معهم أصلاً، ولا يلزم من مجاوزة بعض القوم إياه وخلو بعضهم منه مجاوزة الكل، فالأولى أن يضمر فيه ضمير راجع إلى مصدر الفعل المتقدم أي: جاءني القوم خلا مجيئهم زيداً. (نجم الدين).

(٣) هذان البيتان من أرجوزة لم يعرف قائلهما، وقد أنشدهما ابن خروف بلا نسبة ذكر ذلك في شرح الشاطبي على الألفية وفي التكميل على شرح التسهيل.

اللغة: «دحا» الشيء بسطه وبابه عدا. «طحا» بسطه مثل (دحا) وبابه عدا «صاعقة» نار تسقط من السماء في وعد شديد «الأحشاء» ما اضطمت عليه الضلوع «لظاها» اللظى: النار، والتظاء النار التهابها.

الإعراب: (يا) حرف نداء (من) منادى نبتي في نخل تصب (دحا) فعل ماض وفاعله ضمير مستتر =