[التوابع]
  (و) هذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل قلتم: لا يعطف ما لا ضمير فيه على ما فيه ضمير، وقد عطف فيغضب الرافع لزيد بالفاعلية، ولا ضمير فهي على يطير وفيه ضمير يعود إلى الذي؟ قلنا: (إنما جاز: الذي يطير فيغضب زيد الذباب لأنها) أي: هذه الفاء التي توهم أنها للعطف إنما هي (فاء السببية(١)) وليست للعطف؛ إذ معناه الذي يطير فيصير طيرانه سبباً لغضب زيد [هو] الذباب، ولذلك لا يجوز «ويغضب» بإقامة الواو مقام الفاء.
  (و) اعلم أنه (إذا عطف على) معمولي (عاملين(٢) مختلفين) ففي المسألة إطلاقان وتفصيل، والتفصيل هو مذهب الشيخ والأعلم، وقد بين ذلك الشيخ بقوله: (لم يجز(٣) خلافاً للفراء) فأجازه مطلقا مستدلاً بما يأتي من حجج والتفصيل، وهذا هو الإطلاق الأول (إلا في) ما تقدم فيه المجرور على المرفوع أو المنصوب في المعطوف والمعطوف عليه (نحو: في الدار زيد والحجرة(٤)
=
الشاهد فيه: قوله: (ولا قاصر) حيث جره بياءٍ مقدرة دلَّت عليها الباء الزائدة المذكورة في المعطوف عليه وهو قوله: وليس بآتيك.
(١) لا للعطف كذا قيل، وفيه نظر؛ لأن فاء السببية عاطفة أيضاً كقولك: أطعمته فأشبعته وسقيته فأرويته، فيكون يغضب معطوفاً على يطير وإن كان المعطوف عليه سببا للمعطوف فكيف يصح نفي كونها عاطفة. وقيل: إنها فاء السبية وكفى بها رابطة؛ لأنها توجب سببية الأول للثاني فيحصل الربط بينهما وفيه نظر؛ لأن الفاء لم تعد من الروابط هنا فكيف يكتفي بها رابطة هنا؟ فالأولى أن يقال: إنها فاء السببية، وهي وإن كانت للسببية عاطفة أيضاً لكنها تجعل الجملتين كجملة واحدة فتكفي الرابطة في أحدهما عن لزومه في الأخرى. (غاية تحقيق).
(٢) وأما عطف المعمولين متفقين كانا أو مختلفين على معمولي عامل واحد فلا بأس به نحو: «ضرب زيدٌ عمراً وبكرٌ خالداً، وظننت زيداً قائماً وعمراً قاعداً، وأعلم زيد عمراً قائماً وبشر خالداً محمداً كريماً». (نجم الدين).
(٣) وذلك لأن حرف العطف كالعامل، ولا يقوى أن يكون حرف واحد كالعاملين، ويجوز أن يكون كعامل يعمل عملين أو ثلاثة أو أكثر. (نجم الدين).
(٤) مما رفع فيه الثاني من المعطوف عليهما، سواء كان الأول منهما مجروراً كما مر، أو مرفوعاً مثل: =