[التوابع]
  عمرو) فالعامل في الدار حرف الجر وهو في، وفي زيد الابتداء، لأنه مرفوع به، وفي الدار خبره، والحجرة مجرور بالعطف على الدار، وعمرو معطوف على زيد فحرف الجر والابتداء عاملان مختلفان، وقد عطف ما بعد المعمولين عليهما كما ترى ومثله قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦]، {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا}[يونس: ٢٧]، فقوله تعالى: «الذين» موصول مجرور باللام وصلته أحسنوا وهو من جملته، وقوله: «الحسنى» مبتدأ عامله الابتداء «وزيادة» معطوف عليه، وقوله: «الذين كسبوا» مجرور بالعطف على «الذين أحسنوا»، «جزاء سيئة» مرفوع بالعطف على [قوله] «الحسنى».
  ومثال حيث يتقدم المجرور على المنصوب قولهم: ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة، فكل مرفوع باسمية ما وهو مضاف إلى سوداء وتمرة خبر «ما» منصوب بها وقوله: بيضاء مجرور بالعطف على سوداء، وشحمة منصوب بالعطف على تمرة فالعاملان في المعطوف والمعطوف عليه مختلفان كما ترى وقول الشاعر:
  ١٨٥ - أُكَلَّ امْرئٍ تحسبين امْرَءاً ... ونارٍ تَوَقَّدُ بالليل ناراً(١)
= «ما سكن فيه زيد الدار وعمر الحجرة»، أو منصوباً مثل: «إن الدار ما سكن فيها زيد والحجرة عمرو» أو نصب في الثاني منهما كذلك، أي: سواء كان الأول منصوباً أو مرفوعاً مثل: «إن في الدار زيداً والحجرة عمراً، وإن زيداً يلازم الدار وعمراً الحجرة» لعدم الإفضاء إلى الفصل بين الواو والنائب عن حروف الجر، وبين معموله بخلاف ما إذا كان الثاني منهما مجروراً، سواء كان الأول مرفوعاً نحو: «زيد في الدار، وعمرو في الحجرة» أو منصوباً نحو: «إن زيداً في الدار، وعمراً الحجرة»، أو مجروراً نحو: «ليس من في الدار بزيد، والحجرة عمرو» للإفضاء إلى الفصل بينهما؛ لأنه إذا لم يجز الفصل بين الجار والمجرور فبين نائب الجار والمجرور أولى.
(١) ينسب هذا البيت لأبي داود حارثة بن الحجاج الإيادي، وهو من بحر المتقارب.
اللغة: «تحسبين» حسبته صالحاً بالكسر أحسبه بالفتح والكسر حِسباناً ظننته «توقد» تتوقد وتشتعل.
=