مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المبنيات]

صفحة 16 - الجزء 2

  وليست بضمائر⁣(⁣١)، بخلاف الفعل، فإن مثل هذه فيه ضمائر؛ لكونه لا يثنى، ولا يجمع، (ولا يسوغ المنفصل إلا لتعذر المتصل)؛ وذلك لأن أصل الضمائر الاستتار؛ لكونه أخصر، والعربية مبنية على الاختصار، فإن تعذر الاستتار فالاتصال والبروز، فإن تعذر فالانفصال، (وذلك) الذي يتعذر فيه الاستتار والاتصال (بالتقدم) الواقع في الضمير (على عامله⁣(⁣٢)) نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}⁣[الفاتحة]؛ إذ المعنى: نعبدك ونستعينك، تقدم الضمير لغرض الاهتمام بشأن المعبود جل وعلا، فلم يجد بما يتصل به. فأما قول الشاعر:

  ١٩٨ - أتتك عَنْس تقطع الأراكا ... إليك حتى بلغت إياكا(⁣٣)


(١) لانقلاب الألف والواو ياء في النصب والجر. (خبيصي). والضمير لا يتغير بغير فاعل فيه. تمت منه.

(٢) إذ المتصل كالجزء الأخير من عامله، فإذا لم يتقدم العامل فكيف يكون كالجزء الأخير؟. (من خط المؤلف). نخ (ج) (د) وهامش (أ).

(٣) البيت من الرجز المشطور وهو لحميد الأرقط.

اللغة: (عنس) بسكون النون، وهي الناقة الشديدة القوية. وقوله: (تقطع الأراك) تقطع الأراضي التي هي منابت الأراك، وهذا من المجاز المرسل حيث عبَّر باسم الحال وأراد المحل.

الإعراب: (أتتك) أتى فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين وهما الألف وتاء التأنيث الساكنة، والتاء تاء التأنيث، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم. (عنسٌ) فاعل أتى مرفوع بالضمة الظاهرة. (تقطع) فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره: هي. و (الأراكا) مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، والألف للإطلاق والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع صفة لـ «عنس». (إليك) جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير في تقطع (حتى): حرف جر وغاية، (بلغت) بلغ فعل ماض، والتاء تاء التأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره: هي. (إياكا) إيا: ضمير منفصل مفعول به للفعل بلغ مبني على السكون في محل نصب، والكاف حرف خطاب لا محل لها من الإعراب، والألف للإطلاق، والمصدر المؤول من أنَّ المضمرة والفعل «بلغت» مجرور بـ «حتى» والجار والمجرور متعلقان بالفعل تقطع.

الشاهد فيه: قوله: (بلغت إياك) حيث وضع الضمير المنفصل موضع الضمير المتصل وهو الكاف للضرورة.