مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المبنيات]

صفحة 84 - الجزء 2

  وقول الآخر:

  ٢٥٤ - ألا رُبَّ من تَغْتَشُّهُ لك ناصِحٌ ... ومؤتَمَنٌٍ بالغيب غيرُِ أمين(⁣١)

  ومثال الاستفهامية: «من عندك؟»، و «مَنْ أبوك؟» قال تعالى: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا}⁣[الأنبياء: ٥٩]، ومثال الشرطية: «مَنْ يكرمني أكرمه»، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢}⁣[الطلاق].


= أو جر صفة ثانية لـ «من» كما ذكرنا في بداية الإعراب وقد تعرب في محل رفع خبر من، وجملة لم يطع خبر ثانٍ، ولعله المشهور عند النحاة. وقيل: أن جملة لم يطع استئناف بياني كأنه قيل له: لم يتمنى موتك؟ أجاب بأنه لم يطاوعه أحد في قتالي.

الشاهد فيه: قوله: (ربَّ مَنْ) ورب لا تدخل إلى على نكرة، فدل على أن مَنْ هنا نكرة موصوفة بجملة أنضجت.

(١) البيت من بحر الطويل وهو لعبدالله بن همام في حماسة البحتري وبلا نسبة في كتاب سيبويه وهمع الهوامع.

اللغة: (تغتشه) تظن به الغش، و (المؤتمن) اسم مفعول من الائتمان وهو الذي تراه أميناً.

الإعراب: (ألا) أداة استفتاح، (ربّ) حرف جر شبيه بالزائد، (مَنْ) نكرة بمعنى إنسان، مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ، وله محلان: أحدهما: جر برُبّ، والثاني: رفع بالابتداء، (تغتشه) تغتش: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره: أنت، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع أو جر صفة لـ «من» تبعه على اللفظ، (لك) جار ومجرور متعلق بـ ناصح مقدم (ناصح) على رواية الرفع: خبر المبتدأ وقد روى الأعلم فيه الجر وقال: إنه صفة ثانية لـ من وعليه فخبر المبتدأ محذوف والتقدير: رب إنسان ناصح لك تظنه غاشاً موجود، وقيل إن الخبر تغتشه، (ومؤتمن) الواو حرف عطف، مؤتمن عطف على مَنْ، فهو مرفوع تقديراً على أنه مبتدأ، وله أيضاً محلان كما سبق فيما قلنا في مَنْ، (بالغيب) جار ومجرور متعلق محذوف صفة لمؤتمن، (غيرُ أمين) خبر مرفوع بالضمة، وغير مضاف وأمين مضاف إليه بالكسرة الظاهرة وعلى رواية الجر كما قال الأعلم فإن غير صفة لمؤتمن وخبره محذوف.

الشاهد فيه: قوله: (رُبَّ مَنْ تغتشه) حيث استعمل «من» نكرة ووصفها بالجملة الفعلية «تغتشه». والدليل على أن «من» في موضع نكرة وليست موصولة أنه قد دخلت عليها «رب» وهي حرف لا يدخل إلا على النكرات.