مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[الفعل]

صفحة 297 - الجزء 2

  والجواب عن الآية أن المراد بها نفي الذبح والمقاربة له حال تعنتهم⁣(⁣١) في قولهم: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ...}⁣[البقرة: ٦٩]، و {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا}⁣[البقرة: ٦٧]، و {إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}⁣[البقرة: ٦٩]، وهذا لا ينافي وقوع الذبح بعد التعنت؛ إذ المقاربة إنما انتفت حال التعنت لا بعده، وعلم الذبح من قوله تعالى: (فذبحوها)⁣(⁣٢). وأما احتجاجهم⁣(⁣٣) بتخطئة الشعراء لذي الرمة وأنه أصلح البيت فقد خُطِّئ مَن خَطَّأه، وقيل فيه: أصابت بديهته وأخطأت رَوِيَّته إذ معنى⁣(⁣٤) البيت نفي مقاربة زوال رسيس الهوى من حب ميَّة فأولى وأحرى نفي زوال الحب كما ذلك ظاهر⁣(⁣٥).

  (وقيل: تكون) كاد (في الماضي للإثبات وفي المستقبل كالأفعال تمسكاً بقوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ٧١}) [البقرة]، وقد وقع الذبح فكأنه قال: فذبحوها وقاربوا الذبح، وقد تقدم الجواب على هذا (و) استدلوا على ذلك بأنه إذا دخل النفي عليها وهي للمستقبل انتفت (بقول ذي الرمة) من غير نظر إلى تخطئة من خطَّأه ولا إلى تصليحه الذي أصلحه إذْ كل ذلك خطأ والبيت على ما هو⁣(⁣٦) عليه ومعناه قويم وهو:

  ٣٦٨ - (إذا غَيَّر النأي المحبين لم يَكَد ... رسيس الهوى من حُبِّ مَيَّة يبرح)⁣(⁣٧)


(١) لأن معنى الآية: فذبحوها وما قاربوا أن يذبحوا قبل ذلك لتعنتهم. (رصاص).

(٢) لا من النفي كما قالا.

(٣) في (أ): حجتهم وقد أثبتنا ما في (ب)، (ج)، (د)، لاتفاقها ولعلها أنسب.

(٤) هذا محل النزاع والصواب أن يقال لتخطئة بعض الفصحاء لذي الرمة ومخطئه كما في الجامي معنى.

(٥) فتقرير ذي الرمة ليس باعتراف منه ولكن أراد الاحتياط وأن لا يترك لطاعن مطعناً. (ثاقب).

(٦) في (ب، ج): كان.

(٧) البيت لذي الرمة.

اللغة: (النأي): البعد (رسيس الهوى): أثر الحبّ. (يبرح): يزول وهو فعل تام لازم و (مية) اسم محبوبته.

المعنى: يقول: إن العشاق إذا بعدوا عمن يحبون دبّ السلو إليهم وزال عنهم ما كانون يقاسون =